يمثل المؤتمر العام الـحادي عشر لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، بالنسبة لرئيسها د. يونس الخطيب، ولكافة كوادر الجمعية ومتطوعيها حدثا يتجاوز البعد الاحتفالي أو الدارج، فهو كما يؤكد "استحقاق دستوري"، ونقلة ضمن مسيرة ممتدة لتقييم ما تحقق خلال أربع سنوات خلت، ووضع تصور لأربعة أعوام قادمة.
الخطيب، الذي بدأت علاقته بالجمعية منذ سنوات طوال، يشير إلى تطورات كبيرة شهدتها الجمعية خلال عشرات السنين، لكنه لا يخفي أن تطلعات كبيرة تحدوه لتحقيق إنجازات اضافية، وفيما يلي نص حديث خاص جرى معه:
ما أهمية هذا المؤتمر من وجهة نظرك؟
المؤتمر استحقاق دستوري، وهو محطة في اطار مسيرة لتقييم أربع سنوات ماضية، ووضع تصور لأربع سنوات قادمة، خصوصاً وأننا نضع نصب أعيننا خدمة شعبنا باتجاه تخفيف معاناته، والمساهمة في تحقيق الهدف الذي نسعى اليه جميعاً، وهو الحرية والاستقلال الوطني.
ما توقعاتك بالنسبة لحجم المشاركة في أعمال المؤتمر؟
ستكون هناك مشاركة واسعة، بشكل عام، تمثل مكونات الجمعية كافة من فروع وشعب ومؤسسات ومراكز صحية واجتماعية ومثلما هي مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، فإن للجمعية حضور في شتى المناطق داخل الوطن وفي الشتات بمعنى ستكون هناك مشاركة من فروع وشعب الجمعية في المحافظات الشمالية والجنوبية على حد سواء، علاوة على مشاركة ممثلين من فروع الجمعية في لبنان، وسوريا، والعراق، ومصر وغيرها من المناطق التي تقدم الجمعية فيها خدماتها.
وقد أخذنا في الاعتبار عدم حصول بعض أعضاء المؤتمر على التصاريح اللازمة (من الجانب الإسرائيلي) لدخول فلسطين والمشاركة في المؤتمر، لذا سيتم التواصل معهم اعتماداً على التكنولوجيا الحديثة (الفيديو كونفرنس) لأنه من الأهمية أن تظل الجمعية رمزا لوحدة الشعب الفلسطيني.
ماذا عن المشاركة الدولية؟
المشاركة الدولية سيكون لها حضور كبير في أعمال المؤتمر، لا سيما أن الجمعية معترف بها من قبل الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، وعليه سيشارك ممثلون من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، وغيرها من المؤسسات والمنظمات الشريكة للجمعية، مثل منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، عدا عن هيئات أهلية دولية نتعامل معها منذ 40 عاما؛ بمعنى أن المشاركة الدولية ستكون مميزة في هذا المؤتمر.
سيتخلل المؤتمر عرض استراتيجية الجمعية للفترة (2014-2018)، ما أبرز عناصر الاستراتيجية ومزاياها؟
الاستراتيجية تعد استناداً لواقع سياسي وظروف يعيشها شعبنا في الشتات وفي ظل الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي فالاستراتيجية تأخذ هذه العناصر بالاعتبار؛ وبالنتيجة فإن أهدافها واضحة، وهي تركز على الإنسان الفلسطيني وتلبية احتياجاته، لا سيما كادر الجمعية وتطوير الخدمات استعدادا للأزمات التي يمكن أن يتعرض لها شعبنا.
بيد أن ذلك لا ينفصل عن التزامنا بإيجاد وعي وثقافة، إن كان داخل الجمعية أو على صعيد المجتمع ومؤسساته، لجهة تكريس مبادئ الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، واحترام القانون الدولي الإنساني الذي ينظر إلى فلسطين كأرض محتلة؛ بمعنى أن الاستراتيجية قد تكون ثابتة من جهة، ومرنة لجهة الاستجابة لأية تغيرات في المنطقة العربية، أو في فلسطين من جهة ثانية.
ما الذي يمثله اجراء الانتخابات ضمن فعاليات المؤتمر وعمل الجمعية بشكل عام؟
المؤتمر، كما قلنا، استحقاق دستوري مهم، لأنه محطة لتقييم تجربة، وإيجاد رؤية جديدة، وهذا بالتأكيد أهم من الانتخابات بحد ذاتها، لأن النقاش الذي سيدور سيتيح عدم مراكمة قضايا لسنوات طويلة بين المؤتمرات التي عقدتها الجمعية، وباعتقادي فإن أي كادر في الجمعية قادر على قيادتها أو أن يكون جزءاً من هذه القيادة، بمعنى أن القضية لا ترتبط بالأسماء.
وبما أن المؤتمر هو سيد نفسه، فربما تسفر الانتخابات عن فوز اعضاء المكتب التنفيذي والمجلس الاداري بالتزكية، لأنه مطلوب من الذين يتقدمون الصفوف أن
يتحملوا المسؤولية كون المسؤولية في حالة الجمعية تكليف وليست تشريف.
ما أبرز التحديات التي تواجه الجمعية؟
سياسات الاحتلال الإسرائيلي، فهي تمثل أكبر عائق أمام عمل الجمعية، فهناك قائمة طويلة من الانتهاكات التي نتعرض لها، مثل تقييد حرية الحركة والتنقل، خصوصاً في المناطق التي تقع خلف الجدار العازل، وبالتالي فإن كافة هذه الممارسات، إذا ما أضفنا إليها الاجراءات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن ممارسات الاحتلال وسياساته، تسبب معاناة شديدة لشعبنا، تتجلى مظاهره في البطالة، والحصار المشدد المفروض على أهلنا في قطاع غزة، وكل ذلك لا ينفصل عن الحاجة لتمويل نشاطات الجمعية.
وبما أن الصحة والعمل الاجتماعي هما الأكثر استهلاكا للمال، خصوصاً عندما نتحدث عن أرض محتلة، فإن الاحتلال بهذا المعنى يعيق قدرة الدولة الفلسطينية على أداء مهامها بشكل سليم، وبالتالي تظل هناك دوما حاجة ماسة لتمويل خارجي لتقديم الخدمات المطلوبة.
من المعروف أن كادر الجمعية يعمل في ظل ظروف صعبة وبالغة التعقيد، فما هو تقييمك لدور هذا الكادر خصوصاً فيما يتصل بالأزمة السورية؟
كادر الجمعية أينما تواجد ملتزم بمبادئها، التي هي أصلا تتوافق مع أهداف وثقافة شعبنا، لذا فإن هذا الكادر وفي شتى أماكن تواجده وبخاصة فيما يتعلق بالأزمة السورية، قامت كوادر الجمعية بدورها حسب الامكانات المتوفرة. ورغم التزام طواقم الجمعية بواجبها الإنساني إلا أنها استهدفت خلال هذه الأزمة، وقدمت الجمعية ستة شهداء من كوادرها.
وكما هي الحال في شتى المواقع التي عملت فيها الجمعية منذ نشأتها، فقد سقط أكثر من 185 من كوادرها شهداء في سبيل العمل الإنساني.
وباعتقادي فإن هناك حاجة ماسة لدعم مشافي الجمعية الثلاثة في سوريا، فمشفى "فلسطين" الموجود في مخيم "اليرموك"، يواجه للأسف صعوبات كبيرة في ادخال الادوية والمستلزمات الطبية، وبالتالي فالوضع لايزال مأساويا ويتدهور بشكل مستمر.
وتقريبا فإن أكثر من 80% من أبناء شعبنا في سوريا، أصبحوا نازحين، إذ هناك 60 ألفا في لبنان، بينما هناك عشرات الآلاف في مخيمات اللجوء، سواء الموجودة داخل سوريا، أو في أماكن إيواء مثل المدارس التابعة لوكالة الغوث الدولية (أونروا)، ما يعني أن الوضع الإنساني سيء جدا.