لَم تقف الإعاقة حاجزاً أمام الشاب حمزة القاضي، من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، الذي يعاني من إعاقة عَقلية، تحول دونَ أن يحيا حياة طبيعية، إلا أنه اجترأ لنفسه مكاناً، وراح يطرق أبواب المجتمع بحثاً عَن فرصة.
وبعد أن قضى سنواتٍ في مركز الرجاء للتأهيل، التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في مدينة الخليل، تلقى خلالها مهارات عملية ونظرية، في مجال الزراعة، ومهارات تصنيع الشمع، وأخرى، انتقل للعمل في مشغل لغسيل وتشحيم السيارات وسط مدينة الخليل.
ورَغم أنه لا ينطق جيداً تارةً، ولا يتحرك جيداً تارة أخرى، إلا أنه قفز سريعاً إلى قلوب الناس، بعزيمته وإرادته، في أداء عمله على أكمل وجه، يَغسل بالماء والصابون العديد من السيارات، وأمله في أن يغسل ويغيّر ما ترسب في عقول المجتمع عن الإعاقة، عله يذيب سلبياته كلما أذاب أوساخاً عن زجاج أو إطار.
حمزة بدأ رويدا رويدا في تعلم المهنة، وبات أقرب أكثر فأكثر من زملائه، وعلاقته مع زملائه باتت جيدة جداً، ومع زبائنه، بل أنه مخلص في عمله جيدا جداً، وفق ما يقوله صاحب المغسلة الحاج جلال الشرباتي.
وأضاف: "يبني علاقة جيدة جدا مع الزبائن، واستطاع أن ينال إعجابهم ورضاهم ومحبتهم بسرعة كبيرة، وطوّر كثيرا من علاقته بهم، من خلال إتقانه لعمله، وأدائه على أكمل وجه، فهو يكافح ويناضل من أجل حقه في العمل والحياة".
بدورها اشارت الاختصاصية نجوى الجعبري إلى أن حمزة التحق بمركز الرجاء للتأهيل وتنمية القدرات وكانت مهاراته محدودة، وتم تدريبه على برنامج التدريب والتأهيل، ووصل مرحة متقدمة، وانتقل للمرحلة التدريبية وتم تدريبه على برنامج التأهيل المهني على ورشتي الشمع والتأهيل الزراعي.
وأضافت: "شعرنا بأنه يملك مهارات جيدة، وتم نقله إلى برنامج التوظيف الانتقائي في المجتمع المحلي، إلى أن تم استقباله في مشحمة ومغسلة الشرباتي".
والده الحاج أبو حمزة القاشي لفت إلى أن حمزة ومع بلوغه عامه السادس، أرسله إلى مركز الرجاء للتأهيل، وأنه لقي عناية واهتماما بالغين، من المشرفات والمشرفين، والاختصاصيين، فعلموه الكتابة والقراءة، إلى جانب التدريب المهني.
وأضاف: "يشكل حمزة مثالا يحتذى لتحدي الإعاقة، حيث يتعامل معه المجتمع بكل أريحية وجدية، أسوة بأقرانه الأسوياء".
يذكر أن مركز الرجاء تأسس عام 1985، ويهدف إلى تقديم الرعاية والعناية بالأطفال الذين حرموا نعمة العقل في سن 6-18 سنة، ويتعامل مع ذوي الإعاقات البسيطة والمتوسطة، وممن هم قابلون للتعلم والتأهيل.
ويعمل المركز على تأهيل عناصر فاعلة ومنتجة من هذه الفئة، عبر دمجهم في مجال العمل، سواء في الورش المهنية داخل المركز، أو في المصانع والمؤسسات المحلية. ويضم المركز 100 طالب من ذوي الإعاقة ويشرف على رعايتهم وتأهيلهم 24 موظفا وموظفة من ذوي الاختصاص.