وجد المسعف محمد شلوف نَفسه وسط كَمٍ كبيرٍ من المصابين، جلّهم من الأطفال، عندما لبى وزملاؤه في الهلال الأحمر نداء استغاثة من عائلة تعرض منزلها للقصف في منطقة زعرب الواقعة جنوب رفح في قطاع غزة، بتاريخ 2012.11.15.
محمد (27 عاما)، المتطوع في جمعية الهلال منذ ثلاث سنوات، كان يسمع أحاديث العدوان الإسرائيلي السابق الذي جرى في العام 2008 من زملائه المسعفين، ولكنه لم يتخيل أن يعيشها واقعا بعد سنواتٍ ليست طويلة، ليجد نفسه تحت القصف، ويشاهد أشلاء تحت الركام تناديه.
ولَم يكن يتوقَع أن تكون بداية تجربته الفعلية، خلال العدوان الحالي، متطوعاً في مجال الإسعاف والطوارئ أمام أسرةٍ بأكملها تحتَ الأنقاض. لقد سابَق الوَقت كي يصل إليها، عندما وصلته نداءات الاستغاثة، فانطلق ورفاق آخرون في سيارتيّ إسعاف إلى الموقع.
دقيقة ونصف فقط، هي الوقت الذي استغرقه محمد ورفاقه، لإخلاء المصابين، خصوصاً عندما شاهدوا أن معظم الضحايا من الأطفال، حيثَ تَم إخلاء الأب والأم وأطفالهما الثلاثة بسرعة قياسية، نقلوا بعدها لتلقي العلاج في مستشفى أبو يوسف النجار.
ولَم يجد شَلوف العبارات التي تصف لحظات احتضانه لطفلٍ مصابٍ ينزف، مشيراً إلى أنه ركض به بسرعةٍ لَم يتخيل يوماً أن يجري بها، وعاد لنقل آخر، فيما تولى زملاءٌ آخرون انتشال باقي أفراد العائلة من تحت الردم، وإيصالهم لبر الأمان.
ويودِعُ شلوف، حاله حال الكثيرين من زملائه العاملين في مجال الإسعاف، والذين يعرضون أنفسهم للخطر المحدق، تحت نيران القصف الإسرائيلي الذي لا يميز بين مسعف وصحفي ومواطن، يودع طفليه وزوجته على أمل العودة إليهم سالماً.
ورغم كُل شيء، يجدد عَهده وإصراره، على مواصلة العمل في مجال تقديم الإغاثة الإنسانية لطالبيها، وتحديدا في زمن الحرب، وبذل الغالي والنفيس لايصال رسالة الجمعية الانسانية، كغيرها من الجمعيات الوطنية الأخرى في العالم.
يذكر أن مئتي متطوع ومتطوعة، التحقوا بحهاز الإسعاف والطوارئ التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، فور إعلانها حالة الطوارئ، مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لمساعدة طواقم الجمعية في عمليات الإسعاف والطوارئ والإغاثة.
رائد النمس