صالح معمر، وهو متطوع في جهاز الإسعاف والطوارئ التابع للجمعية في رفح ، انضم لزملائه المسعفين لتقديم المساعدة للمواطنين، لاسيما مع حالة الطوارئ التي أعلنتها الجمعية.
يقول صالح:" في صباح يوم الجمعة الموافق 11/7/2014 تلقينا اتصالا بحدوث قصف على منزل عائلة غنام، فهرعنا على الفور في سيارات الإسعاف، وفي أثناء ذلك وردتنا أنباء عن وجود أطفال داخل المنزل المقصوف والمكون من ثلاثة طوابق. وعندما وصلنا إلى المنزل الذي أصبح حطاما، بدأنا بتسلق الركام الذي وصل ارتفاعه لأكثر من ثلاثة أمتار ، بهدف البحث عن المصابين، و لم يطل اانتظارنا حتى وجدت شابا مصابا في ساقه، فنقلناه إلى المستشفى، ومن ثم عدنا إلى مكان القصف بحثا عن إصابات أخرى".
ويتابع صالح:" و عندما عدنا رأينا حشودا عديدة من المواطنين تتجمهر في المكان تحاول مساعدة الأطقم الطبية في إنقاذ أي من أفراد العائلة. بدأنا في تسلق حطام المنزل من جديد لقناعتنا بوجود ضحايا آخرين، حيث أفاد الجيران بأن المنزل تم قصفه دون توجيه إنذار مسبق".
بدأ التأثر ظاهرا في صوت صالح وهو يقول: "خلال عملي في الإسعاف اشعر بحزن شديد عندما أرى أطفالا أبرياء يتعرضون للإصابة أو القتل ، وهذا ما دفعني خلال تسلقي المنزل إلى الإسراع في الصعود، لعلي أوفق في إنقاذ حياة أي من الأطفال المنكوبين في الأعلى. وأثناء تفقدي المكان دوى صوت الطائرات الحربية الإسرائيلية وهي تقترب، ثم أطلقت صاروخ على الشريط الحدودي المقابل للمنزل، ليدوي صوت انفجار هائل هز المنطقة، وبدأت حجارة المنزل الذي نقف على أنقاضه تتهاوى، وسط حالة من الهلع انتابت المواطنين الذين كانوا حوله ، ثم قامت الطائرات الحربية، وبشكل متعمد، بإطلاق ثلاثة صواريخ أخرى،لتزيد من تهاوي المنزل الذي كنت أقف على إحدى شرفاته ، لترتطم بي إحدى القطع الأسمنتية الكبيرة في كتفي، مسببة خدوشا حادة وروضوضاً جعلتني افقد الشعور بها".
يتنهد صالح ثم يكمل:" لقد كانت لحظات طويلة وقاسية ، حاولت النهوض ولكن تدافع المواطنين وحالة الهلع التي أصابتهم لم تمكني من استجماع قوتي لمواصلة عملي ، وعندما أطلق الصاروخ الرابع كنت قد وقعت أرضا وتدحرجت نحو إحدى الشرف المفتوحة لأهوي بعدها على الركام الإسمنتية والحديدية المتراكمة على مدخل المنزل. و لولا تشبثي بعمود إسمنتي، لم استجمع ما تبقى من قوتي في اليد التي لم تصاب".
وأضاف :"ثوان قليلة مرت بصعوبة حتى استطعت النهوض، بمساعدة احد زملائي ،ومن ثم تم نقلي إلى المستشفى لتلقي العلاج . وأثناء انطلاق سيارة الإسعاف ،كنت اشعر بمرارة شديدة، لأنني رغبت في أن تحمل هذه السيارة مصابين من المدنيين، لا أن تحمل مسعفا مصابا. وهناك أوصى الطبيب المعالج بان ارتاح حتى أتعافى من الإصابة، ولكنني رفضت وأصررت على العودة إلى مركز الإسعاف، والمساعدة في تقديم يد العون، وبعد ساعة كنت في منطقة حي النصر شرق رفح برفقة زملائي ضباط الإسعاف والطوارئ في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني لأقوم بواجبي الوطني والإنساني" .