رائد النمس:
يعاني بعض العائلات في قطاع غزة تعاني من وجود حالات شلل دماغي بين أطفالها، وتقف عاجزة أمام عدم قدرتها على التعامل معهم، لاسيما في ظل افتقار القطاع لمؤسسات متخصصة في هذا المجال.
برنامج الإثراء المنزلي، والذي تنفذه دائرة التأهيل في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، اهتم بهذه الشريحة من العائلات التي باتت غير قادرة على التعامل السليم مع أطفالهم المصابين بالشلل الدماغي وضمور العقل، خاصة في مجال التغذية والنظافة الشخصية والاستحمام والتواصل الاجتماعي وتنمية القدرات.
أماني الجمل، وهي اختصاصية تأهيل في فرع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في رفح، تقول: "نقوم وبعد المسح الميداني للمحافظة بتحديد الحالات التي بحاجة لتدخلنا المباشر ونتواصل مع عائلاتهم لتدريبهم على كيفية تعاملهم مع مرضى الشلل الدماغي، بحيث يصبح أفراد العائلة قادرين على التعامل مع طفلهم المعاق وتقديم الخدمات الصحية والنفسية اللازمة له، ليتسنى له الحفاظ على صحته الجسدية والنفسية على حد السواء".
إسلام أبو فخر، طفلة (11 عاماً )تعاني من شلل دماغي، كانت والدتها لا تستطيع إطعامها بشكل صحيح، كما كانت تعاني من صراخ طفلتها المتكرر، وتجد صعوبة في مساعدتها على الاستحمام، والمحافظة على نظافتها الشخصية، ما اثر في صحتها العامة، وأدى لمعاناة الطفلة من تقرحات عديدة.
توجه إلى منزلهم فريق الإثراء المنزلي منذ شهرين، وحدد احتياج الطفلة الخاص حسب نوع الإعاقة، وبعد اجتماع تقييمي لفريق العمل في فرع رفح، تم وضع خطة علاج للطفلة، وآلية تدريب للأم، وذلك بتوجيهات من اختصاصيي العلاج النفسي والوظيفي والطبيعي في فريق العمل.
أم العبد أبو فخر (41 عاماً)، والدة الطفلة إسلام، تصف تجربتها مع فريق الإثراء المنزلي قائلة: "منذ بدء زيارات اختصاصي الهلال الأحمر الفلسطيني إلى منزلنا، أصبحت قادرة على اطعام طفلتي بشكل سليم، وتمكنت من إدخالها الى الحمام وتنظيفها بشكل جيد في وقت قصير، وهناك استجابة جيدة من قبل الطفلة فيما أقوم به، خاصة بعد أن وفر الهلال الأحمر الفلسطيني كرسياً متحركاً يتناسب وحالة الإعاقة التي تعاني منها إسلام".
وتضيف: "في البداية كانت ابنتي طريحة الفراش بشكل دائم، أما الآن فهي فبدأت بالتعرف علينا والتعبير عن حاجتها للطعام والنوم عبر إشارات خاصة استطعنا تطويرها عبر التدريب والتعليم المتواصل مع اختصاصي الجمعية الذين يقومون بزيارتنا بشكل دائم".
تبتسم مضيفة:"لقد استطعت أخيرا أن أرى الابتسامة تعلو وجه ابنتي بدل الصراخ والعويل الذي كان دائما يشعرنا بالعجز وفقدان الأمل، كما أنها أصبحت تعرف الاختصاصية التي تزورنا وتظهر معالم السعادة عليها حينما تراها".
الطفل خالد الحمايدة (6 سنوات ) يعاني من متلازمة داون وتشوهات خلقية في القلب، كان يشكل مشكلة كبيرة لوالده الشاب عبد الله الحمايدة (26 عاماً)، فطفله لا يستطيع المشي والتحرك وهم يعجزون عن معرفة احتياجاته وطلباته اليومية، بسبب عدم قدرته على الكلام، و كان يلجأ الى ضرب رأسه بالحائط، ويرفض التجاوب مع والديه وإخوانه، كما كان يرفض التحرك من زاوية غرفته، إضافة لنفوره من الغرباء، وصراخه الدائم.
وأشار اختصاصي التأهيل ياسر صبح إلى هذه الحالة بقوله: "خلال المسح الميداني الذي نقوم به في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني تعرفنا على حالة خالد الفريدة من نوعها، ووضعنا خطة عمل لمساعدة عائلته على التعامل معه، وإخراجه من حالة العزلة، ودمجه مع أفراد عائلته وأقرانه من الأطفال في الحي".
ويضيف صبح في السياق ذاته: "استخدمنا أسلوب التعلم من خلال اللعب مع خالد، وبعد خمس جلسات بدأ بالتقرب منا واللعب معنا. وتدريجيا بدأ بالتشارك مع أفراد عائلته باللهو واللعب، إضافة لقدرته الآن على طلب احتياجاته من الأكل والشراب ودخول الحمام والأمور الأخرى".
والده عبد الله الحمايدة يقول: "لا يمكن أن اصف لكم حجم سعادتي عندما رأيت خالد يحضر كوب الماء الفارغ ويأتي إلينا في إشارة لحاجته للشراب، في حين كان في السابق يقوم بضرب رأسه بالحائط دون أن نعرف ما يريده تحديدا".
خالد الآن صار يتجول في المنزل، ويخرج إلى الشارع المقابل لمنزله ويبستم للمارة، ولا تجد والدته صعوبة وعناء في مرافقته معها للخارج، كما بات قادرا على إيصال مشاعره واحتياجاته اليومية بكل هدوء بعد شهرين من العلاج التأهيلي والنفسي الذي قام به فريق الإثراء المنزلي في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
وعن آلية العمل التي يقوم بها طاقم الجمعية أكد الاختصاصي الاجتماعي إياد سبع العيش أن الجمعية وبعد تحديد احتياجات الفئة المستهدفة تقوم بتفعيل خطة تحرك تعتمد بالأساس على دمج ذوي الإعاقة في المجتمع، ومساعدة ذويهم على كيفية تعزيز قدرات أبنائهم وتطوير العلاقة بينهم بحيث يكونون قادرين على تلبية احتياجاتهم، حيث قام فريق العمل باستهداف 50 عائلة خلال الستة شهور الماضية، مسجلين نجاحات عديدة في دمج ذوي الإعاقة في المجتمع وإشراكهم في برامج الجمعية المختلفة، وخاصة الرحلات الترفيهية، ومنهج التعلم عن طريق اللعب، إلى جانب برنامج تدريب الأهالي الذي لاقى قبولا واسعا من عائلات ذوي الإعاقة.
24.12.2014