بقلم: الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر
تمدّ ريّان (25 عاماً) يد العون الانساني للّاجئين في لبنان عن طريق التطوع لمساعدتهم. وفي أحد الأيام، وبينما كانت ريّان تنظم يوم فرح ومرح للأطفال في مخيم برج البراجنة للّاجئين القريب من العاصمة اللبنانية بيروت، سقطت إحدى الأراجيح فأُصيبت بكسر في ذراعها وآخر في ساقها. نُقلت ريّان على وجه السرعة إلى مستشفى حيفا الذي تديره جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ويعتبر مزود الخدمات الصحية الوحيد لسكان المخيم.
وتقول ريّان: "ثمة العديد من الأطفال الذين هم بحاجة إلى الدعم النفسي خصوصاً عندما يفقدون أحد والديهم أو أقربائهم، لذا فإننا نحاول من خلال تنظيم أيام الفرح والمرح والتعلم، إدخال بعض البهجة إلى نفوسهم".
يقع مستشفى حيفا في إحدى ضواحي بيروت الجنوبية. ووفقاً لإحصائيات صدرت مؤخراً عن الأمم المتحدة، يقطن في مخيم برج البراجنة ذي الشوارع الضيقة ما يربو على 20 ألف لاجئ فلسطيني مسجل لديها، أي ضعف العدد المقرر لدى إنشاء المخيم. ويعاني المخيم الأمرّين جرّاء شبكة صرف صحي متهالكة تفيض باستمرار خلال أشهر الشتاء، كما ازداد عدد سكان المخيم بسرعة كبيرة نتيجة توافد الكثير من اللاجئين إليه جراء الأزمة السورية.
ويقدم مستشفى حيفا خدماته للمحتاجين، رغم التحديات الجمة التي تواجهه. فمبنى المستشفى محصور بين عدد من المباني الأخرى، ما يصعّب مرور سيارات الإسعاف، كما أن شبكة الكهرباء فيه مهلهلة، وليس غريب رؤية أسلاك الكهرباء تتدلى بالقرب من مواسير المياه. وتشهد المنطقة سنوياً وفيات عديدة جراء الصواعق الكهربائية وانهيار المباني المتهالكة.
ظروف صعبة وعصيبة
يعمل مستشفى حيفا، الذي تأسس عام 1985 على نحو جيد رغم كل الصعاب والظروف العصيبة. ويضم المستشفى 40 سريراً، ويشرف عليه طاقم يتألف من 30 طبيباً و33 ممرضاً وممرضة يقدمون الخدمات الصحية الأولية والثانوية لنحو 300 مريض شهرياً يتم إدخالهم إلى المستشفى في المتوسط، وزهاء 100 مريض يرتادون العيادات الخارجية يومياً. والمستشفى مزود بغرفة للطوارئ ويقدم الخدمات الطبية العامة والجراحية وخدمات طب الأطفال والطب النسائي والولادة وفيه وحدة للعناية المكثفة.
وتتركز معظم الحالات الطبية التي يستقبلها المستشفى في مجالي صحة الأم والطفل تليها مباشرة الحالات المتصلة بالأمراض غير السارية كأمراض القلب والشرايين وارتفاع ضغط الدم والسكري، التي ترتبط في الكثير من الأحيان بالأوضاع التي يعيش في ظلها اللاجئون، كما يتعامل طاقم المستشفى مع حالات الصدمات والإصابات بالرصاص الحي عندما تسوء الأوضاع الأمنية داخل المخيم. وقد أشار الأمين العام للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، الحاج اس سي، أثناء زيارة قام بها إلى مستشفى حيفا إلى أن "ما يثير الانطباع إلى حد كبير هو قدرة الهلال الأحمر على تقديم شتى الخدمات الصحية رغم افتقاره إلى البنية التحتية اللازمة ورغم صعوبة الظروف".
وقد أدى النزاع المتواصل في سورية إلى نزوح العديد من السوريين واللاجئين الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان طلباً للأمان. ويستفيد العديد منهم من خدمات الرعاية الصحية التي توفرها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
إنصاف الجميع
يحرص د. سامر شحادة، مدير فرع الجمعية في لبنان، على إبقاء أبواب المستشفى مفتوحة أمام كل المرضى، سواء كانوا فلسطينيين أو سوريين أو لبنانيين، مستعيناً في ذلك بالتمويل الذي يقدمه الشركاء العاملون في المجال الإنساني.
وبحسب د. شحادة، "تساهم الأونروا في دعم ميزانيتنا غير أنها لا تغطي كل احتياجاتنا المالية، أما الدعم الذي نتلقاه من الجمعيات الوطنية الشريكة فيتيح لنا سد الثغرة المالية المتبقية والتحقق من إنصاف الجميع ومد يد العون لكل محتاج".
يذكر أن الفلسطينيين اللاجئين في سورية كانوا يشكلون فيما مضى نحو خمسة بالمائة من مجموع المرضى الذين يقصدون مستشفى حيفا، أما الآن فقد ارتفعت هذه النسبة لتصل إلى 30 بالمائة. ويفوق عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في لبنان 450 ألف شخص يعيش أكثر من نصفهم في اثني عشر مخيماً للّاجئين منتشرة في لبنان.