رائد النمس:
بات يعلم الجميع ما يعانيه قطاع غزة، منذ انطلاق مسيرات العودة السلمية في الثلاثين من شهر أذار (مارس) الماضي، وما أعقبها من اعتداءات متواصلة من قبل الاحتلال الاسرائيلي بحق المدنيين العزل، الأمر الذي تطلب من طواقم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، بان تكون على جاهزة، للتدخل الإنساني وتقديم الخدمة الاسعافية للجرحى.
وتعد منطقة شمال غزة أكثر المناطق سخونة في القطاع، حيث حاجز "ايرز"، الذي تندلع المواجهات بين حين واخر في محيطه. وما زاد الأمر سخونة إقامة "مخيم عودة بحري" على ارض بيت لاهيا البحرية، أو ما يعرف بمنطقة "زيكيم"، ما ضاعف وتيرة التصعيد الاسرائيلي في هذه المنطقة (شمال غزة)، وجعلها تسجل نسبة عالية من عدد الإصابات والشهداء.
هذا الارتفاع في معدل التصعيد تطلب المزيد مع العمل، وألقى بظلاله على متطوعي الجمعية العاملين في الميدان، والذين وجدوا أنفسهم أمام تحديات إنسانية على مدار الساعة، خصوصاً في المناطق الشرقية للقطاع.
محمد الشرافي، منسق متطوعي شمال غزة، قال: "يعمل في مناطق الاحتكاك في شمال غزة نحو 200 متطوع ومتطوعة، يتم فرزهم بشكل دوري، للمشاركة في إخلاء المصابين، وتقديم الخدمة الاسعافية لهم، وغالبيتهم من أعضاء الفريق الوطني للاستجابة للكوارث، والمستجيب الأول، ممن لديهم خبرة واسعة في هذا المجال".
وأضاف: "لعل أبرز صعوبة في الأمر هو استحداث منطقة المواجهات كل يوم اثنين في منطقة بيت لاهيا البحرية، حيث وجدنا أنفسنا أمام كثبان رملية عالية، وأمواج بحر متلاطمة، وهو ما سبب مشقة وإرهاقا لنا خلال إخلاء الجرحى، بعد استهدافهم من قبل الاحتلال سواء بالرصاص الحي، أو بفعل قنابل الغاز".
وبدورها قالت المتطوعة في النقاط الطبية الميدانية في الشمال، شيماء أبو جياب: "نعمل بلا كلل في مناطق الشمال، رغم الاستهداف المتواصل من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي، سواء في المناطق الشرقية أو البحرية أو في حاجز "ايرز" ، فهم يتعمدون استهداف طواقم الجمعية بقنابل الغاز ما عرض زملائي وزميلاتي للإصابة بالاختناق، حيث قمنا بتحويل بعضهم للمستشفيات أكثر من مرة، ناهيك عن إصابة مركبات الاسعاف بأضرار مباشرة، وهذا بدوره يعرضنا الى ضغوط نفسية كبيرة، متمثلة بالخوف على أنفسنا وزملائنا، ورغم ذلك نواصل عملنا الانساني في الثلاثة جبهات بنفس القوة والعطاء".
محمد مكاوي، وهو متطوع في منطقة جباليا، تعرض للإصابة بالاختناق، نتيجة إطلاق قنبلة غاز مباشرة عليه، أثناء نقله لأحد المصابين في منطقة "زيكيم"، قال: "العمل على الأرض البحرية يزيد من مشقتنا، خصوصا وان المنطقة محصورة وهناك كمٌ كبير من المتظاهرين، وقوات الاحتلال تقوم بإطلاق النار وقنابل الغاز على الجميع، من ثلاثة اتجاهات بشكل متعمد، رغم معرفتها لطبيعة عملنا الإنساني، ورغم ارتدائنا للزي الخاص بالجمعية، وهذا ما عرضنا نحن أيضا للاختناق بالغاز، وعرقل عملنا في نقل المصابين إلى النقطة الطبية المتقدمة التي أقامتها الجمعية على مقربة من منطقة المواجهات".
وأضاف مكاوي: "رغم تعرضنا للاستهداف عدة مرات، إلا إننا أخذنا على عاتقنا مواصلة تقديم الخدمة الإنسانية للجرحى، وهذا العمل المتواصل اكسبنا قوة وصلابة لم نكن نعتقد بأننا نتمتع بها قبل التحاقنا بالعمل التطوعي ضمن طواقم لأطقم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني".
انتهى.