(رام الله، 26-12-2010): يصادف اليوم - السادس والعشرين من كانون أول - الذكرى الثانية والأربعون لتأسيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني. ففي مثل هذا اليوم من عام 1968، أعلن رسمياً عن تأسيس الجمعية، استجابة للاحتياجات الصحية والاجتماعية للشعب الفلسطيني كافة، ولمواجهة التداعيات الإنسانية للاعتداءات الإسرائيلية على المخيمات الفلسطينية في الشتات، مستلهمة في ذلك التراث الإنساني لجمعيات الهلال الأحمر الخيرية الفلسطينية، التي تأسست في الربع الأول من القرن الماضي في فلسطين، وتلك التي تأسست عقب النكبة الفلسطينية في العام 1948.
بدأت الجمعية بتقديم خدماتها، عبر عيادة صغيرة أقيمت بسواعد أبناء وبنات مخيم "ماركا" القريب من العاصمة الأردنية عمان، وبتبرعات نقدية ومادية متواضعة من سكانه، وكرست كجمعية مسؤولة عن تقديم الخدمات الصحية والاجتماعية للشعب الفلسطيني، بموجب قرار من المجلس الوطني الفلسطيني في دورته السادسة، التي عقدت في القاهرة بتاريخ 1/9/1969، لتصبح بعد ذلك التاريخ مؤسسة صحية واجتماعية ضخمة وإحدى أهم مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، تضم عشرات الآلاف من الكوادر والأعضاء والمتطوعين، والأصدقاء.
والجمعية مؤسسة وطنية فلسطينية ذات شخصية اعتبارية مستقلة، معترف بها رسمياً، وهي أحد مكونات الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، تمارس نشاطها في فلسطين، وفي مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، وبخاصة في سورية ولبنان، وفقا للقانون الفلسطيني و اتفاقات جنيف والقانون الدولي الانساني ، ومبادئ الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر السبعة: الإنسانية، عدم التحيز، الحياد، الاستقلال، التطوع، الوحدة، العالمية.
وعملت الجمعية، خلال اثنين وأربعين عاماً من مسيرتها في اتجاهات ثلاثة: تطوير كادرها البشري، وتنويع خدماتها وبناء وتحديث مراكزها ومؤسساتها الصحية والاجتماعية، والجمعية تواصل جهودها في خدمة الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده كافة للحفاظ على حياة أبنائه والتخفيف من معاناتهم، وشكلت أنموذجاً حياً للتطور الكبير في الخدمات والبرامج عبر مراكمة الإنجازات عاماً بعد عام، وتطوير قدرات كوادرها ومراكزها ومستشفياتها، وتنميتها، وتنويع برامجها وخدماتها ، والرقي بها من أجل تقديم الخدمة الفضلى لمتلقيها.
عدا ذلك، فقد رسمت الجمعية استراتيجيتها، بما ينسجم مع خصوصية القضية الفلسطينية، ونضال الشعب الفلسطيني العادل من أجل حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال في دولة ذات سيادة وعاصمتها القدس.ان قدرة الجمعية على الاستجابة للاوضاع الطارئة وتعديل خططها وبرامجها بما يستجيب لذلك ، شكل أهم عناصر قوتها وهذا ما تجلى في الحرب العدوانية الاسرائيلية على شعبنا في لبنان عام 1982 والاجتياحات الاسرائيلية للضفة عامي 2002 و 2003 والحصار المفروض على قطاع غزة منذ أربع سنوات والذي توج بالحرب الأخيرة على القطاع في أواخر عام 2008 وأوائل 2009.
واستنادا الى هذه الخبرات والأهداف واصلت الجمعية في العام 2010 تقديم خدماتها وتنفيذ برامجها لصالح مئات الآلاف من الفلسطينيين في الوطن والشتات، وكل محتاج لها، وبخاصة في المناطق والتجمعات الفلسطينية الأشد احتياجا. ففي قطاع غزة استمرت عملية تطوير مراكز الجمعية، ومستشفى القدس التابع لها في مدينة غزة، الذي تعرض للقصف الإسرائيلي، أثناء العدوان على القطاع، وتعزيز خدماتها الصحية والاجتماعية، وتفعيل برنامج إدارة الكوارث.
كما استمرت الجمعية في دعم وتطوير برامج معهد وجهاز الاسعاف والطوارئ التابع للجمعية في القطاع، مستفيدة في كل ذلك من التقييمات الداخلية والخارجية التي أجرتها لأوضاعها واستجاباتها، والدروس المستفادة منها. وفي مخيمات اللجوء، وبخاصة في لبنان استمرت عملية تطوير الخدمات الصحية في مستشفيات الجمعية ومراكز الرعاية الصحية الأولية، لتستجيب لاحتياجات اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات.
وقد تميز العام 2010، كذلك، بتطوير الجمعية لبرامجها وتدخلاتها المجتمعية، وبخاصة تلك المتعلقة بالرعاية الصحية الاولية، وبرامج الدعم النفس - الاجتماعي المبنية على المجتمع، وبرامج تأهيل ذوي الاعاقة المنزلية القائمة على آلية الوصول الى القرى. والأمر ذاته ينطبق على تطوير برامج الاستعداد للكوارث، والحد من تداعياتها الاجتماعية في كل من الضفة والقطاع، والإسعاف الأولي، كبرامج موجهة ومبنية على المجتمع.
ولأن مهام الجمعية لا تقتصر على الخدمات التي تقدمها والبرامج التي تنفذها، فقد شاركت بفاعلية في رسم السياسات والخطط القطاعية، على مستوى الوطن، من خلال شراكاتها الفاعلة ومذكرات التفاهم مع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، ان كان في المجال الصحي او الاجتماعي . كما ان مساهمات الجمعية على المستويين الاقليمي والدولي في الورش المتخصصة والمؤتمرات تطورت بشكل ملحوظ، بما يليق بعضوية الجمعية الكاملة في الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر.
ان هذا الدور المتنامي دوما للجمعية هو الذي أهّلها للحصول عام 2010 على جائزة ياسر عرفات للإنجاز، عن خدماتها ودورها الذي صنعته كوادر الجمعية ومتطوعوها في العام 2009، وأن يتم اختيارها من قبل استطلاع للرأي العام الفلسطيني، كأفضل مؤسسة فلسطينية عن العام 2009 أيضا.
ان جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني، التزاما منها برسالتها ووفاء لتراثها وقيمها ومبادئها وشهدائها – شهداء العمل الإنساني – ستستمر في العطاء و تقديم الافضل الذي يستحقه شعبنا أينما تواجد.